قراءة موضوعية لنقولا بو خاطر في سنوات الأزمة والحرب المستجدة!
قراءة موضوعية لنقولا بو خاطر في سنوات الأزمة والحرب المستجدة!
October 25, 2023
“أربع سنوات من الضياع”، هكذا وصف رئيس تجمع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين نقولا بو خاطر أعوام الأزمة الممتدة من 2019 حتى عامنا الحالي من دون تنفيذ الإصلاحات الجذرية المطلوبة. وقال انّ “الحرب الدائرة حالياً أدخلت لبنان في عاصفة جديدة وأخرجت من دائرة الإهتمام أهمية هذه الإصلاحات، واستكمال العمل الضروري والفوري عليها. هذه العواصف كلها تحتم ضرورة ملء الشغور الرئاسي فوراً وتجنّب بكل ثمن الشغور في قيادة الجيش لحماية لبنان وشعبه وصون الوحدة الوطنية”.
وشدد بو خاطر في حديث لموقعنا Leb Economy على انه “خلال الأربع سنوات الماضية، لم تقم الدولة بتحمّل مسؤوليتها عن الخسائر الباهظة التي سبّبتها، ولم تقم الجهات الرسمية بدورها لناحية إقرار قوانين إعادة هيكلة المصارف والكابيتال كونترول وإعادة التوازن المالي، رغم انها تعتبر قوانين أساسية لإعادة التوازن في البلد وإعادة الثقة وتندرج ضمن مطالب صندوق النقد الدولي. وكذلك لم تتمّ معالجة الحجم الهائل وغير المنتج للقطاع العام الضخم، وتقليص حجمه”.
ووفقاً لبو خاطر “تلكأت الدولة عن تفعيل قوانين أخرى كقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل قانون المنافسة للقضاء على الإحتكارات في القطاع العام. كما تلكأت عن تنفيذ إجراءات أخرى من شأنها الحد من التهرّب الضريبي، وتفلّت الحدود، وتخفيض نفقات الدولة، بهدف الوصول الى موازنات متوازنة. ويضاف إلى ذلك كلفة النزوح السوري الهائلة على الدولة والمواطن اللبناني والقطاع الخاص الشرعي، كما الوظائف والبنى التحتية وغيرها”.
وقال بو خاطر: “وعلى العكس تمامًا، بدلاً من تقليص النفقات في القطاع العام، ودون أي مبرر اقتصادي أو عدالة اجتماعية، تمَّ فقط فرض وزيادة ضرائب وتعريفات جديدة على القطاع الخاص الشرعي والمواطنين الملتزمين بدفع ضرائبهم. وبالتالي إعطاء الفرصة للقطاعات غير الشرعية وغير الملتزمة بدفع ضرائبها ومستحقاتها، للإستحواذ على السوق كله، والتدمير التدريجي لما تبقّى من الإقتصاد الشرعي! علماً ان هذا الأمر سيؤدي الى تقلّص حجم الإقتصاد الشرعي، وتوسيع الإقتصاد الأسود، ورفع وتيرة التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي .ومقابل كل هذه الضرائب الماضية والحالية في عهدة الدولة، نرى عدم قدرتها وكفاءتها على تزويد اللبنانيين بخدمات عامة بالجودة المطلوبة استشفائياً، وبيئياً، وتعليمياً. كما ونشهد تآكل كل تعويضات نهاية الخدمة، بفعل التضخم وسوء الإدارة، وغيرها من المحاصصة والزبائنية السياسية”.
وأضاف: “كمثال على ذلك، كيف يمكن بالعقل أن يتم فرض ضرائب على تدهور سعر العملة الوطنية؟ وكيف تتم زيادة تعرفة الكهرباء (الثابتة والمتغيرة) إلى ما هو أكثر بكثير من معدلات كلفة الكهرباء الدولية، لأولئك الذين يدفعون، بدلاً من التأكد من أن الذين لا يدفعون يبدأون في الدفع، بموازاة زيادة التعرفات إلى أسعار مقبولة وتنافسية عالميًا؟ وكيف لا تتم معالجة التهرّب الضريبي، والفواتير المزوّرة والشركات الوهمية في الموانئ، والحد من معاملات الترانزيت الوهميّة، والحد من التهريب عبر الحدود، لا بل يتمَ التفكير حالياً بزيادة الجمارك للسلع المستوردة بنسبة 10%؟ وبالتوازي لم يتم تفعيل مصلحة تسجيل السيارات والدوائر العقارية في المتن وغيرها؟ !”.
واعتبر بو خاطر ان “التجربة أثبتت أن الدولة اللبنانية بعد الحرب، من ناحية هيكليتها وتنظيمها الحالي، اللذان أعطيا الأطراف السياسية حق النّقض على كل قرار، هي غير قادرة على لعب دور تقديم هذه الخدمات العامة بشكل عادل ومنصف ومثمر. وتفرض علينا هذه التجربة التفكير في نموذج جديد، يقتصر فيه دور القطاع العام على النواحي النقدية والأمنية والقضائية والسياسة الخارجية، كما والدور التنظيمي والرقابي، مع فتح الباب أمام الشراكة بين القطاعين العام والخاص في كافة قطاعات الإقتصاد الأخرى”.
ووفقاً لبو خاطر “كل هذا التلكؤ أدى الى تقلص حجم القطاع الخاص الشرعي وتوسّع القطاع الخاص غير الشرعي الذي أصبح يشكل 70% من اقتصاد لبنان، إضافة إلى تحوّل الإقتصاد اللبناني إلى اقتصاد نقدي، الأمر الذي يمكن ان يؤدي الى خروج لبنان من النظام المالي العالمي”.
وأكد ان “عدم السير بالإصلاحات المطلوبة وإقرار القوانين، وعدم النجاح في إجراء انتخابات رئاسية، سيرفع من خسائر لبنان الإقتصادية والإجتماعية لا سيما في ظل الحرب الدائرة في المنطقة وتداعياتها على الملف الرئاسي والملف الإصلاحي، الذي خرج من دائرة الإهتمام ولم يعد أحد يتكلم عنه “.
وفي رد على سؤال حول المفاوضات مع صندوق النقد، أكّد بو خاطر ان “لبنان لم يقم بالإصلاحات اللازمة ليستعيد ثقة الجهات الدولية، وهذا أمر أساسي في المفاوضات مع الصندوق. فللأسف، الثقة اليوم في لبنان مفقودة من كل الإتجاهات”.
وأكد ان “على المجلس النيابي انتخاب رئيسٍ للجمهورية وتشريع القوانين اللازمة لإعادة الثقة، التي ستؤدي الى اتفاق مع صندوق النقد. فاليوم ليس سير المفاوضات هو الذي يؤدي الى تأخير توقيع اتفاق نهائي مع صندوق النقد، إنما عدم تنفيذ الإجراءات الإصلاحية المطلوبة في لبنان”.
وقال بو خاطر “الإصلاح الوحيد الذي شهدناه خلال الأشهر الماضية هو فصل السلطة النقدية عن السلطة المالية بقرار من حاكم مصرف لبنان بالإنابة د. وسيم منصوري الذي أوقف تمويل الدولة وتمويل أي عجز في المالية العامة. على أمل ان لا تفرض الحرب الدائرة تعديل هذه السياسة”.
ولفت الى ان “القطاع الخاص الشرعي قام بطرح حلول لكل هذه الأزمات عبر تجمّع رجال وسيّدات الأعمال في لبنان وعبر الهيئات الإقتصادية، وهو يدعو الجميع اليوم للعودة الى العقل والتصرّف بسرعة وجديّة. ففي ضوء التطورات المقلقة في جنوب لبنان والمنطقة، تأثر اقتصاد لبنان بشكل كبير وعلى عدة جبهات. وهذا سيؤثّر على ميزان المدفوعات والإستقرار النقدي والتوظيف”.
وقال بو خاطر: “نحن لا يمكننا مواصلة تحمل هذه التداعيات، فكيف بالحريّ إذا اتّسعت الحرب، فهي ستقضي على لبنان وأحلام شبابه المتفوقين ومستقبلهم. الأوضاع خطيرة للغاية، وبغياب رئيس للجمهورية اللبنانية، سيكون اللبنانيون ولبنان طبقاً على مائدة المفاوضات في المنطقة بدلاً من أن يكونوا حول الطاولة في المفاوضات لتعزيز دور الشباب والشابات أصحاب الطموح والثقافة. لذلك، نكرّر الدعوة الملحّة لجميع الأطراف المعنية إلى التصرف بمسؤولية فوراً، ووضع جميع الخلافات جانبًا، وانتخاب رئيس يحمي اللبنانيين ويضع مصلحة لبنان واللبنانيين أولاً. رئيس يعيد تأسيس دور الدبلوماسية اللبنانية في المنطقة كمنارة للإستقرار والحوار، بدلاً من الحرب والدمار. ونحثّهم أيضًا، وفوراً بعد انتخاب رئيس للجمهورية، على تشكيل حكومة، تقوم بالإصلاحات اللازمة بالتعاون مع المجلس النيابي، بما في ذلك إعادة هيكلة القطاع المالي والطاقة والضمان الإجتماعي وغيرها فوراً”.
وأضاف: “علاوة على ذلك، من المهم أن تضمن الأطراف المعنية فوراً الإستمرارية في قيادة الجيش، متجنبين الشغور على مستوى قيادته. فنحن على بعد بضعة أسابيع فقط من فراغ محتمل في قيادة الجيش. وإذا حدث هذا الشغور لا سمح الله، فسيكون المعنيون قد وضعوا المسمار الأخير في نعش لبنان ومستقبل شبابه.”
وختم بو خاطر: “في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان والمنطقة، ندعو جميع المعنيين إلى الإعتراف بأن وجود لبنان نفسه مهدّد. وهنالك حاجة لإتخاذ إجراءات فورية لحماية لبنان من هذه التطورات الوجودية”.