القطاع الخاص الشرعي لن يكون شاهد زور على التخبط
القطاع الخاص الشرعي لن يكون شاهد زور على التخبط
March 28, 2023
الحفاظ على هوية البلد الاقتصادية والثقافية مسؤولية جميع المسؤولين أينما كانوا
نخشى أن يُقفل باب الإنقاذ أمامنا ونفقد الأمل فالضوء في نهاية النفق يخفت
خاص – “أخبار اليوم”
اعتبر المستشار الاقتصادي وعضو مجلس إدارة تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL جان طويلة ان المؤتمر الصحافي الأخير لبعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان كان لافتا جدّاً إن كان لجهة الشكل أو المضمون.
وقال: لناحية الشكل، كان لافتا عقد المؤتمر في فندق خاص، من دون وجود أي جهة رسمية، اكان ممثلا حكوميا أو احدا عن مصرف لبنان، أو غيرهما… ولربما هذا الحدث سباق في تاريخ صندوق النقد، وهو بنفسه يشكّل رسالة قويّة وخطيرة جدا.
أما لناحية المضمون، فحمّل المجتمعون مصرف لبنان والحكومة والمجلس النيابي المسؤوليّة عن الوضع الذي وصل إليه البلد، مطالبا بالعمل سوياً وفوراً لتنفيذ كامل الإصلاحات المطلوبة، منتقدين انعدام أي جديّة في التعاطي مع الإصلاحات، كما والتعهّد الذي كان لبنان اتخذه لتنفيذ الإصلاحات. إذاً، لبنان الدولة التزم، لكن في الواقع لم يحترم هذا الالتزام ولم يأخذه على محمل الجدّ.
وفي حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، اشار طويلة الى إنَّ مقال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اليوم في صحيفة نداء الوطن، يجب أن يكون جرس الإنذار الأخير والمفصلي، الذي نأمل أن يوقظ الضمائر في كل عقول المسؤولين أينما كانوا في سدة المسؤولية، لأن الانزلاق إلى أزمة لا أفق زمنياً لها يقدر بعشرات السنين من الوقت الضائع والتضخم المفرط، لا شبيه له في العالم، ينقل الأزمة من جيل إلى آخر!
وفي هذا السياق، لاحظ طويلة أيضاً أن الصندوق ركّز على التفاصيل وعلى النهج المتبع، وكيف أوصل لبنان إلى وضعه المأزوم الحالي. وحذر الصندوق ايضا من المكان الأشد خطورة الممكن أن يصل إليه في حال الاستمرار بالنهج نفسه.
واضاف طويلة: كذلك، أعاد ممثلو الصندوق التذكير بالحلول والطرق البديلة الكفيلة بإخراج البلد من هذا السيناريو المأساوي. كما اعاد التطرق إلى الإصلاحات نفسها التي بات الجميع على علم بها، والتي يطالب بها تجمّع رجال وسيّدات الأعمال، على أن ترفق أيضاً بخطة اقتصادية شاملة. هذا المطلب ليس خاصا بصندوق النقد، بل هو أيضاً مطلب الشعب والاقتصاد والقطاع الخاص اللبناني الشرعي، إلا أن المسؤولين لا يبدون أي جدية أو اكتراث ويصرّون على الاستمرار في الدفاع عن مصالحهم الخاصة ولو كان ذلك على حساب الشعب والبلد ومستقبل أولاد الوطن.
رفع مصرف لبنان اخيرا سعر صرف الدولار على منصة صيرفة، لكي يواكب تطور صعود السعر في السوق الموازية. اجاب طويلة: مصرف لبنان مستمر في إصدار قراراته غير المجدية، في الوقت نفسه نرى تناقضاً في إجراءاته. من جهة يقول المركزي إنه رفع مستوى صيرفة ليتمكن من سحب السيولة من السوق، في حين أن ذلك يتطلب منه دفع العملة الصعبة أي ما تبقى من الاحتياطي أو ودائع الناس. من جهة أخرى، يتواصل رفع رواتب القطاع العام ومنحه تسهيلات تمولها طباعة المزيد من العملة اللبنانية، بدلاً من تصغير حجمه والمحافظة على الأكفاء فقط وإعادة هيكلة حجم القطاع العام وفعاليته.
وتابع: توازياً، يستمر المركزي كذلك في تحويل الودائع إلى الليرة عبر الطبع. وإذا إستمر في هذا المنوال، فحجم طباعة الليرة سوف يوازي ٢٠ ضعف الكتلة النقدية الحالية. فهو يريد سحب السيولة، في حين تتواصل عملية طباعة العملة. هذا النهج والقرارات المكلفة للشعب لن يوصلا إلى أي نتيجة إصلاحية وإيجابية. وهذا الموضوع كان أيضاً ضمن المواضيع التي تطرّق إليها صندوق النقد، مطالباً بالوقف الفوري للطريقة المتبعة لإدارة الأزمة النقدية عبر مصرف لبنان، ووقف تمويل الدولة واستنزاف أموال المودعين القليلة المتبقية.
وماذا عن اقرار قانون الشراء العام الذي يطالب القطاع الخاص بتنفيذه، خاصة بعد الاعلان حديثا عن تلزيم مبنى جديدا للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي؟ ذكر طويلة ان إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص قبل مؤتمر “سيدر” ليكون أساساً له. وحينها تفاخر المسؤولون بهذا الإنجاز، ليمتنعوا عن اعتماده في قطاع الكهرباء فور عودتهم إلى لبنان. اليوم، أقرّ قانون الشراء العام ولم يتم تطبيقه أيضاً لدى أول استحقاق مرتبط بالمطار، حيث تم الاتفاق بالتراضي ضمن المسرحية نفسها وعلى حساب الشعب.
واعتبر طويلة ان قانون الشراء العام شديد الأهمية، وهو مطلب داخلي ودولي على حدّ سواء. وتم بذل جهود جبارة لإقراره، إلا أن مصالح المسؤولين الشخصية تعلو على مصلحة الشعب والمصلحة العامة، المفترض أن يكونوا في خدمتها. واستنتج أن النهج المعتمد لإدارة الأزمة لم يتغير وهو نفسه الذي أوصل لبنان وشعبه إلى هذه الحالة، والقطاع الخاص الشرعي من بينهم، فهو يدفع الثمن لأنه يواجه قطاعا خاصا غير شرعي. وهو عاجز عن العمل والإنتاج وخلق نمو وفرص عمل وتحريك الاقتصاد.
ورأى ان المسؤولية كبيرة والحفاظ على هوية البلد الاقتصادية والثقافية مسؤولية جميع المسؤولين أينما كانوا. ونخشى كذلك أن يُقفل باب الإنقاذ أمامنا ونفقد الأمل، فالضوء في نهاية النفق يخفت ويكاد ينطفئ كلياً، وينكفىء رجال الدولة القليلون الذين نعول عليهم لإعادة الثقة بإقتصادنا وبلدنا الناصع بالأكفاء في جميع المجالات.
وختم: لن يكون القطاع الخاص الشرعي شاهد زور على هذا التخبط.