اجراءات خطرة جدا في مشروع موازنة ٢٠٢٣…. تعرفوا اليها!
اجراءات خطرة جدا في مشروع موازنة ٢٠٢٣…. تعرفوا اليها!
July 25, 2023
المركزية- بعد انقضاء أكثر من نصف سنة الـ ٢٠٢٣ انطلقت الجلسات الحكومية المتتالية لمناقشة مشروع موازنة هذا العام، فهل يبقى لهذه الموازنة معنى بعد مرور كل هذه الفترة الزمنية، أم أن إقرارها، ولو بوقت متأخّر، أفضل من عدم إقرارها نهائياً؟
الخبير المالي وعضو مجلس إدارة تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL نديم ضاهر، يرى عبر “المركزية” “أنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها إعداد مشروع الموازنة خارج المهلة الدستورية، وبعد مرور أكثر من 6 أشهر على بدء السنة المعنية. فإن موازنة السنة المالية 2022 كانت مثلا قد أُعدت وأُقرّت من الحكومة في الربيع، وطُرحت في مجلس النواب ونشرت في الجريدة الرسمية في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني من العام 2022، أي شهر ونصف فقط قبيل إنتهاء السنة. كما أنّها تضمّنت مفعولا رجعيا، وهذا أمر غير دستوري، على عدة ضرائب أهمها ضريبة الرواتب والأجور. وقد أتت هذه المخالفة تحت عذر تشريع الضرورة بغياب رئيس للجمهورية، وغياب حكومة ذات صلاحيات دستورية. فلن أتفاجأ مطلقا إذا ما أقرت موازنة ٢٠٢٣ مثلا هذا الخريف، مع التعذر بما أصبح معروفا بتشريع الضرورة”.
أما بالنسبة إلى الملاحظات على مشروع موازنة ٢٠٢٣، خصوصاً وسط الاستهجان الكبير من قبل الخبراء الماليين والاقتصاديين، لا سيما في خصوص سعر الصرف الذي بنيت عليه، فيقول ضاهر أن “الحكومة المستقيلة تبرر ضرورة إقرار الموازنة لانتظام الإنفاق العام على أساس سعر الصرف الفعلي للدولار الأميركي. لذلك، فقد أقرّت الموازنة لسنة ٢٠٢٢ على أساس سعر صرف 20000 ل.ل للدولار الواحد، وبنيت مسودة موازنة ٢٠٢٣ على أساس سعر صرف 100000 ل.ل للدولار الواحد، وهذا السعر ينعكس على الشطور الضرائبية. كذلك الأمر، زادت الرسوم أضعافا عن تلك التي كانت معتمدة في موازنة 2022. الجدير ذكره أن زيادة الشطور الضرائبية ستمهّد الطريق لتعديل قرار وزير المالية 2/1 تاريخ 9/1/2023 التطبيقي للمادة ٣٥ من موازنة ٢٠٢٢، والذي حدد “السعر الفعلي” للدولار الأميركي لاحتساب الرواتب والأجور المدفوعة بالدولار بـ 15000 ل.ل. للدولار الواحد ليصبح 100000 ل.ل للدولار الواحد. وهذا التدبير سوف يزيد مداخيل الدولة، ولكنه في الوقت عينه سيفاقم العبء الضرائبي على موظفي القطاع الخاص بأضعاف”.
ويتابع “هذه الموازنة، مثل سابقاتها، غايتها الأساسية تأمين إيرادات للدولة لكي تدفع رواتب موظفي القطاع العام الذين لم يتقلص عددهم بغياب خطة إصلاحية جدّية. كما أنّه لا يوجد في هذه الموازنة خطة إنمائية لمساعدة او تحفيز النمو الاقتصادي. فقد اقتصرت على زيادة الضرائب على القطاع الخاص لتمويل القطاع العام غير المنتج. هذا العبء الضرائبي المتزايد من موازنة إلى أخرى، يدفع بالقطاع الخاص اللبناني الشرعي أكثر فأكثر إلى التهرّب الضرائبي، حيث أنّه لا يجد ايّ استفادة من زيادة الضرائب في ظل غيبوبة الدولة وانعدام خدماتها، كما ومنافسة القطاع الخاص غير الشرعي الذي لا يدفع الضرائب ولا يخاف من الدولة التي فقدت هيبتها والتي لا تقوم بواجباتها اللازمة لردعه”
وفي السياق، يفند ضاهر أهم الفرسان التي أدخلت على مشروع موازنة 2023 والتي فرضت ضرائب جديدة وعشوائية لا تراعي القوانين المعنية ويجب إقرارها بقوانين وقرارات منفصلة وليس ضمن قانون موازنة، منها:
“المادة 30: السماح للمكلفين بضريبة الدخل بإجراء إعادة تقييم لمخزونهم كما في 31/12/2022، شرط أن يكونوا قد سجّلوا المخزون على أساس السعر الفعلي (سعر الدولار على اساس السوق الموازي) خلال السنوات السابقة، كما تخضع فروقات إعادة تقييم المخزون لضريبة بنسبة %7. إنها بالواقع ضريبة على التضخم المفرط التي يتحملها المكلّف.
المادة 28: السماح وبصورة إستثنائية للمكلفين على الربح الحقيقي والمقطوع بإعادة تخمين أصولهم الثابتة وفقاً للأصول المحددة في المادة 45 من قانون ضريبة الدخل كل سنة (بدلاً من كل 5 سنوات) وضمن مهلة تنتهي في 31/12/2026. وفي حال إستعمال الربح الناتج عن إعادة التخمين لغاية آخره عن تغطية الخسائر، فسوف يخضع لضريبة التحسين بمعدل 15% بدلاً من 10% كما كان وارداً في المادة 45 من قانون ضريبة الدخل. هذه ايضاً ضريبة على التضخم المفرط.
المادة 29: فرض ضريبة بنسبة 2% على التعاملات الرقمية. سوف تفرض هذه الضريبة على كل شخص طبيعي أو معنوي، مقيما كان أو غير مقيم، يقدم خدمات عبر الإنترنت. لكن، هذه المادة لم تحدد آلية تحصيل الضريبة، علماً أن الأشخاص المقيمين المسجلين لدى وزارة المالية يخضعون لضريبة الأرباح. أما الأشخاص المكتومون لدى وزارة المالية، فإن هذه الاخيرة لا تبالي لوضعهم ولا تسعى لملاحقتهم، علماً أن أعمالهم تخضع لضريبة غير المقيمين (مادتيّ 41 و42 من قانون ضريبة الدخل) التي رفعت من 7.5% إلى %8.5 بموجب المادة 27 من مشروع موازنة 2023.
المادة 31: ألزمت المصارف باقتطاع نسبة 3% من المبالغ المودعة لديها بإسم شخص متوفي الى ورثته. إن هذه المادة لا تراعي القوانين الموجودة، لا سيما القانون المتعلق برسوم الإنتقال التي تبدأ بنسبة 3% وترفع الى 12% للأولاد والأهل وإلى 24% وحتى إلى 45% للأشخاص الذي ليس لديهم صلة قرابة. فهل استبعدت هذه المادة الأموال الموجودة في المصارف في الوعاء المصرح عنه للتركة بعد تسديد الرسم بنسبة 3%؟ هذا الغموض يجب أن يوضح من قبل وزارة المال والمشرّع.
المادة 61: فرض رسم استهلاك داخلي على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة سواء كانت منتجة محلياً أم مستوردة من الخارج وقدره 5000 ل.ل. لليتر الواحد.
أما المواد الخطرة جدا وغير الدستورية التي سوف يطعن بها أيضا مع فرسان الموازنة المدونة أعلاه فهي:
المادة 25: تسوية ضريبة رؤوس الأموال المنقولة والموظفة في الخارج التي تخضع لضريبة 10% بموجب المادة 82 من قانون ضريبة الدخل للسنوات السابقة وذلك قبل 31/12/2023، علماً أن هذه الضريبة يجب أن تسدد بنفس العملة التي تحققت فيها الإيرادات عن العام 2022، بموجب المادة 87 من قانون موازنه 2022. أما في حال التخلّف عن تصريح وتسديد هذه الضريبة قبل هذه المهلة، فسوف يحال المكلف إلى النيابة العامة المالية بجرم التهرب الضريبي ويتمّ الحجز على أملاكه. هذه المادة وهذا الإجراء سيؤديان الى الإبتزاز من قبل وزارة المال والقضاء المُسيّس.
أما الإجراء الخطر الآخر الموجود في عدة مواد في مشروع موازنة 2023، فهو السماح لوزير المالية بتعديل الشطور والتنزيلات بموجب قرار يصدر عنه إستنادًا إلى نسبة التضخّم الصادرة عن إدارة الاحصاء المركزي. إن هذه السلطة الاستنسابية المعطاة لوزير المالية، تخالف المادتين 81 و82 من الدستور اللتان تحصران عملية تعديل الشطور والمبالغ الضرائبية بمجلس النواب، ويمكن أن تعطي لمجلس الوزراء مجتمعًا وليس لوزير. سوف يطعن بهذا الإجراء غير الدستوري أيضاً.
ويختم ضاهر “مشروع موازنة 2023 لا يتضمن الخطة الإصلاحية والإنمائية التي ننتظرها منذ بدء الأزمة لإعادة النهضة الإقتصادية والعدالة الاجتماعية من خلال قوانين ضرائبية عادلة، حيث تفرض الضرائب وتحصّلها على جميع المكلفين، وليس حصرا على القطاع الخاص الشرعي الذي يحمل لوحده عبء تمويل نفقات القطاع العام وهدره. فهنا تطبق بالفعل العبارة الشهيرة “كثرة الضرائب، تقتل الضرائب”.